2 نوفمبر 2014
ظاهرة الإلحاد و اللاادرية اللي ابتدينا نسمع عنها في المنطقة العربية من فترة قليلة ظاهرة تستحق التأمل و محاولة فهمها.
في الفترة الماضية، بقينا بنسمع اكتر عن الملحدين و ربما نعرف بعض الأصدقاء او الزملاء او المعارف من الملحدين. التفسير السطحي لهذه الظاهرة هو ان الانسان الملحد يريد ان يتحرر من القيود الدينية المفروضة عليه و خاصة القيود المرتبطة بممارسة الجنس. هذا التفسير الساذج نراه واضح في اي حوار بين شخص مؤمن و شخص ملحد في سؤال علي شاكلة "تسمحلي اضاجع اختك؟". هذا السؤال سأله شيخ لشخص ملحد في محاولة ساذجة منه للهجوم علي الشخص الملحد و ده نابع من تفكيره الساذج ان سبب الإلحاد هو التخلص من القيود الدينية.
اعتقد ان اسباب الإلحاد اكبر و أعمق بكثير من هذا التفسير السطحي و اري ان دوافع الاتجاه للإلحاد او اللاادرية تتلخص في نقطتين:
- ما يراه الشخص العادي من افعال المتدينين و رجال الدين خاصة بعد احداث يناير ٢٠١١. علي الرغم من فشل ثورة يناير في تحقيق اي من أهدافها، و لكنها فتحت عيون و عقول الكثير من الشباب علي حقيقة من يتكلمون بإسم الدين. الكل رأي ان الدين وسيلة رخيصة في يد السلطة للسيطرة علي جموع البشر المنتمين لهذا الدين و رأينا تدخل رجال الدين في أمور سياسية قذرة لأسباب مختلفة ليس لها اي تفسير منطقي من وجهة نظري غير دافع الخوف او الضغط بطريقة و بأخري من من معه السلطة. من الطبيعي لأي شاب بريء تربي من صغره انه لا أنقي او اسمي من الدين و بدون الدين، تحول البشر الي كائنات لا رحمة او إنسانية فيها فإذا بهم يروا المتدينين يبررون احداث و مصائب لم يتوقعها اي عقل قبل يناير ٢٠١١. الكذب و تبرير القتل و الشماتة في الطرف الاخر و كل هذه الأفعال المشينة أصبحت عادية بين من يواظبون علي العبادات الدينية بانتظام و التزام. للاسف عندما تعرض البشر لتجربة بسيطة وضعت فيها المصلحة الشخصية في كفة و المبادئ و الأخلاق في كفة اخري، ربحت كفة المصلحة عند الأغلبية العظمي. من الأمثلة الشهيرة الحاضرة في ذهني علي هذه الفكرة هو قول غاندي الشهير "لولا المسيحيين لصرت مسيحيا". غاندي قرأ تعاليم المسيح و حفظ موعظة المسيح علي الجبل، و هي بحق دستور المسيحية الحقة و الكل يشهد علي عظمة تعاليم المسيح و لكن التعاليم الجيدة بدون اشخاص يطبقونها في الواقع ليس لها اي تأثير للاسف علي غير المؤمنين. ما أظهرته محنة يناير هو هشاشة تدين الكثيرين من المؤمنين.
- فشل المتدينين و رجال الدين في مجادلة و مواجهة من يسأل في الأمور الدينية و في هذا شقين منها الأمور العلمية المتناقضة مع ما جاء في الكتب المقدسة و الأمور الاخلاقية التي كانت موجودة في عصور قديمة و مذكورة في الكتب المقدسة و تغيرت بتغير الظروف. للاسف تحجرت عقول الأغلبية المتدينة بحيث انها فشلت من الخروج من حرفية النص المقدس بدلا من التمسك بروح النص المقدس و فشلت النخبة الدينية من تفسير أمور غير منطقية بطريقة تقنع عقول الشباب المتعلم الذي يريد ان يشبع عقله بكلام منطقي (في عصر اسهل ما فيه الحصول علي المعلومة) لا كلام مرسل لا وجود له علي ارض الواقع من رجال الدين الذين أدمنوا مخاطبة العاطفة لا العقل.
اتمني ان كلامي هذا لا يجرح اي شخص لأَنِّي لا اقصد الاساءة لأي دين و لكني احاول تفسير ظاهرة الكل يراها و يحاول تبسيطها او تحقيرها بسذاجة معهودة و لكن النتائج ستكون صعبة لأن الصدام سيزيد في المجتمع بزيادة هذه الظاهرة و هو شيء متوقع في ظل التحجر و عدم ادراك ابعاد هذا الموضوع من كبار رجال الدين.
No comments:
Post a Comment