Google Analytics

Monday, 11 February 2019

ذكريات ٢٥ يناير

١١ فبراير ٢٠١٩ 

 كنت اخدت فيزا الهجرة لكندا في مايو ٢٠١٠ و سافرت كندا في يوليو شهرين عشان مراتي مكانتش متحمسة للهجرة و قلت لها تعالي نروح نشوف كندا و نرجع و لو عجبتك نبقى نروح كندا السنة اللي بعدها و نقعد. طبعا كندا عجبتها بس كان لازم نرجع مصر عشان مش عاملين حسابنا اننا نقعد وقتها
رجعنا مصر في سبتمبر ٢٠١٠. انا كنت استقلت من الشغل و مستني السنة الدراسية تخلص عشان نروح كندا
ايّام يناير كنت متابع الغضب الشعبي على الفيسبوك تجاه النظام بس انا كنت ماليش دعوة بالكلام ده. معايا ورق الهجرة في الدولاب و مستني الشهور تعدي عشان أهاجر كندا.
وقت يناير ٢٠١١، كنت في الإسكندرية قاعدين عند حماتي. مانا صايع بقى مفيش شغل و الواد في اجازة نص السنة.
محدش كان متوقع ان مظاهرات ٢٥ يناير تبقى كبيرة او تتطور لأي حاجة كبيرة. المهم يوم ٢٥ يناير انا كنت قاعد على الفيسبوك مستني اشوف اللي هيحصل و كتبت بوست الصبح و قلت ان الموضوع شكله هيطلع على فشوش و طلعت غلطان و المظاهرات كبرت في القاهرة و إسكندرية و السويس.
يوم ٢٦ عدى عادي من غير قلق و يوم ٢٧ كان الكلام على جمعة الغضب و وقتها انا حسيت ان الموضوع هيكبر يوم الجمعة فكلمت صحابي اللي انا عارف انهم في الطراوة و قلت لهم يشوفوا مكان آمن يركنوا فيه عربياتهم عشان بوم الجمعة شكله هيبقى فيه قلق و ممكن العربيات تتكسر و ركنت العربية في نادي سموحة و سيبتها هناك.
يوم الخميس بالليل ابن عمتي كلمني و اتفقنا نروح السينما. خرجنا مع بعض و طول الوقت كان قاعد يكلمني على معاناته انه مش لاقي عروسة يتجوزها و انا عمال احاول افهمه ان البلد هتولع بكرة و هو فاكرني بهزر.

جمعة الغضب الصبح كانت هادية بس بعد صلاة الجمعة ما خلصت، ابتديت اشوف ان الناس بتزيد. انا كده كده قاعد في البيت و مش ناوي انزل . شوية و لقيت مجموعة عساكر امن مركزي متجمعين عند الترام اللي قدام البيت.
بعدها بكام ساعة الانترنت يقطع و اعرف ان الشرطة في إسكندرية انسحبت من كل الشوارع و مفيش شرطة في إسكندرية كلها. ده اللي توقعته اليوم اللي قبله.
المهم على بالليل اسمع الجامع اللي جنبنا بينادي على الناس عشان تنزل تحمي المنطقة بعد ما الشرطة اختفت. سألت البواب لو محتاج اي حاجة مني. قاللي متقلقش. الشباب بتوع العمارة نازلين. طلعت البلكونة و لقيت الكنيسة (اللي قدام البيت) فيها الفرّاش بتاع الكنيسة و شاب واحد من شباب الكنيسة واقفين في حوش الكنيسة و شكلهم مش قلقانين. كلمتهم و سألتهم لو عايزين مساعدة، فقالولي لو تقدر تيجي تقف معانا يبقى كويس عشان كل شباب الكنيسة تقريبا محدش من اهاليهم راضي ينزلوا و خايفين عليهم.
نزلت و رحت على الكنيسة و انا حاسس اني نازل للمجهول. اول مرة في حياتنا نتعرض لموقف زي ده و الإحساس بتاع اي مسيحي وقتها ان الكنائس مستهدفة من المسلمين و غياب الأمن معناه غالبا ان الكنايس هيتم الاعتداء عليها خاصة اننا كنا لسة خارجين من تفجير كنيسة القديسين في راس السنة و الحادثة لسة طازة في دماغنا.
معرفش الشجاعة دي نزلت عليا منين بس المهم نزلت و رحت الكنيسة. قابلت الاتنين اللي كانوا في الكنيسة و طلعوني علي سطح الكنيسة و معايا صندوق تزايد حاجة ساقعة فاضية عشان لو حد هجم على الكنيسة، احدف الازايز عليه 🙂
عدى شوية وقت و لقيت مجموعة شباب من المنطقة جايين ناحية الكنيسة عايزين يتكلموا معانا. طلع انهم بينظموا العملية و طلبوا مننا اننا لو شفنا اي حاجة مريبة من فوق السطح، نرن جرس الكنيسة عشان ننبه الناس اللي في المنطقة
و كلها كام ساعة و لقيت شباب المنطقة تقريبا في الشارع و كل واحد منهم واخد مكان عشان يأمن المنطقة.
اكتر حاجة كنت قلقان عليها هي ورق الهجرة اللي انا كنت سايبه في بيتي في القاهرة. كنت كل شوية اكلم البواب في القاهرة اطمن على الدنيا و طمني ان الناس هناك قفلوا الشوارع برضه و سهرانين كلهم في الشارع زي عندي
كانت ليلة عجيبة و اول مرة اقعد مع الناس بتوع المنطقة و نتكلم مع بعض و لقيت ان الناس كلها قلبها ابيض فعلا و خايفين على بعض بجد بس لقيت ان اغلبهم دماغهم فاضية و كل واحد فيهم عنده افكار عجيبة مالهاش اي اصل من الصحة غير انه سمعها من اي مصدر زي التليفزيون مثلا اللي كان شغال وقتها شحتفة على مبارك و إنجازاته الوهمية اللي حققت الاستقرار لمصر لمدة ٣٠ سنة. انا كنت بسمع الهرتلة دي و مكنتش مصدق ان ممكن ناس تصدق الكلام العبيط ده.
و دي كانت بداية علاقتي الحقيقية بالثورة اللي حصلت بطريقة عفوية جدا بس استفدت جدا من تواجدي في الشارع يومها مع المصريين البسطاء اللي مجاليش الفرصة قبل كده اني احتك معاهم خاصة في موقف صعب زي اليوم ده اللي اوله كان رعب من المجهول بس أتحول لإحساس جميل بالأمان وسط الناس الطيبة اللي خايفين على بعض
بعد جمعة الغضب, بقى الروتين اليومي بتاعي هو النزول شوية في الشارع مع اللجان الشعبية و يعدي عليا واحد صاحبي. ناخد بعضنا و نطلع على القهوة نتكلم شوية في اللي بيحصل و بعد كده أرجع اجيب قرطاس لب و سوداني و نكمل السهرة قدام التلفزيون نتفرج على الهبل اللي بيتقال في التلفزيون عشان نضحك شوية على عفاف شعيب اللي مش عارفة تجيب ريش و بيتزا.
كذا يوم يعدي و العملية في اللجان الشعبية بقيت صحوبية و الفرن اللي جنبنا يوزع سندوتشات و اللي عجبه الموضوع و تقمص دور الظابط اللي بيشوف الرخص عشان العربيات تعدي لغاية ما مبارك طلع و عمل الخطاب العاطفي اللي قال فيه انه مش هيترشح تاني و هيسيب الرئاسة بعد 6 شهور.
أنا قلت كده الموضوع خلاص و نزلت الصبح يوم 2 فبراير قابلت صحابي على القهوة نحتفل بإن الموضوع خلاص خلص. يومها كان عيد ميلاد ابني الوسطاني فجيبت تورتة و أنا مروح البيت عشان نحتفل بعيد ميلاده. وانا ماشي بالتورتة اكتشفت إن اغلب الناس في المنطقة بيبصوا عليا و في عينهم نظرة عجيبة كده كإني ماشي بحاجة عجيبة. فهمت بعد كده إن اغلب الناس دي مش عارفين يشتروا أي حاجة عشان مش معاهم فلوس عشان كل مكن ال ATM مش شغال عشان مفيش انترنت و البنوك قافلة من ساعة الثورة.
المهم روحت و احتفلنا بعيد ميلاد الواد و بعد كده فتحت التلفزيون لقيت الناس بتضرب بعض في ميدان التحرير و جمال في الميدان و العملية خربانة على الاخر. كلمت واحد صاحبي أنا عارف انه في ميدان التحرير وانا منفعل جدا عشان اللي بيحصل ده و هو مش عارف يهديني ازاي بس كان واضح إن اللي حصل ده كان هدفه إن الموضوع يستمر و الناس تفضل في الميدان عشان كان واحد إن فيه اتجاه إن الناس تمشي و يصدقوا الخطاب العاطفي بتاع مبارك.
على بالليل العملية تطورت في ميدان التحرير و بقى واضح إن الموضوع مش هينتهي و وقتها توقعت إن مبارك مش هيقدر يكمل خاصة إن كن واضح إن الجيش مش بيحاول يفرق المظاهرات سواء ده بمزاجه أو غصب عنه.
كل ده و أنا لسة قلقان على ورق الهجرة اللي في القاهرة وانا محبوس في الاسكندرية عشان كل الناس كانت قلقانة تسافر عشان كان كل القصص بتقول إن الطريق الصحراوي فيه قطاع طرق و السكة مش امان بس على يوم 10 فبراير كنت جبت اخري و قررت إني لازم أروح القاهرة آخد الورق بتاع الهجرة حتى لو الموضوع فيه مخاطرة و فعلا سافرت يومها و وصلت القاهرة و اطمنت إن الورق موجود و كنت عمل حسابي إني أرجع الاسكندرية تاني يوم.
تاني يوم كان الموضوع كبر في التحرير و الناس هناك قرروا انهم يتجهوا لقصر الاتحادية عشان يخلعوا مبارك فأنا قررت إن السفر اليوم ده مش مضمون و رحت زرت خالتي اللي ساكنة جنبي و احنا قاعدين, لقينا عمر سليمان طلع يعلن تنحي مبارك و تسليم السلطة للمجلس العسكري. ولاد خالتي لقيتهم زعلانين على مبارك وانا مش فاهم إزاي حد يبقى زعلان على واحد قذر زي مبارك بس في نفس الوقت مقدرتش افرح عشان السلطة بقيت في ايد كيان اوسخ من مبارك خاصة إني مش بطيق المشير طنطاوي و طول عمري لما بشوفه بيجيلي احساس إن الراجل ده ابن وسخة ده غير إني عندي حساسية من أي رجل عسكري و طول الوقت مقتنع تماما إن مفيش أي حاجة عدلة ممكن تيجي من ورا العسكر.
المهم نزلت من عند خالتي و قابلت كذا حد من صحابي و نزلنا الشارع نتفرج على احتفالات الناس اللي كانت احتفالات غير عادية ولا كأننا كسبنا كاس العالم وانا وسطهم من عارف احتفل مع الناس عشان مقتنع إن مفيش تغير حصل و خلصنا من واحد وسخ و جه مكانه المجلس العسكري الوسخ برضه.
بعد خلع مبارك, ناس كتير اكتشفت إنها متعرفش أي حاجة عن السياسة و أحوال البلد فكان طبيعي إن الناس تخبط مع بعض على الفيسبوك بخصوص اللي بيحصل في البلد و ابتدى يظهر خوف من التيار الاسلامي خاصة إن المجلس العسكري جاب شوية اخوان و اسلاميين عشان يعدلوا الدستور.
في الوقت ده, لقيت الكنايس بتعمل ندوات هدفها التوعية السياسية. حضرت ندوتين منهم. واحدة في كنيسة مدينة نصر و التانية في كنيسة كليوباترا في الاسكندرية و يا ريتني ما رحت عشان اكتشفت إن شعب الكنيسة القبطي في السياسة بلاطة و كل افكارهم عن البلد حاجة قمة السذاجة. من أكتر الحاجات اللي كانت محيرة الاقباط في الفترة دي هو إزاي البابا شنودة يطلع يقول انه مع بقاء مبارك و بعد كده مبارك يتشال. دي كانت صدمة عند اقباط كتير عشان كانوا شايفين إن البابا شنودة لما بيقول أي رأي, فده يعتبر رأي الله لإنه بحكم منصبه معاه كل رسائل الله فكان فيه حيرة عند اقباط كتير. ازاي البابا يقول حاجة و تطلع غلط؟؟ 🙂
من ضمن المهازل اللي شفتها في ندوة من الاتنين اللي حضترهم إن واحد من المتحدثين في الندوة و اللي المفروض يوعي الناس كان شغال في تزوير الانتخابات للحزب الوطني أيام مبارك و كان بيقول إن ده كان اجراء طبيعي و حتمي عشان يواجهوا الاخوان 🙂
و دي كانت أول خبطة اخدها من الناس اللي المفروض أنا عارفهم كويس و كنت متخيل انهم بيفكروا بنفس الطريقة بتاعتي. طبعا حاولت اقول رأيي و هو إن مفيش علاقة بين رأي رجل الدين و اللي بيحصل في السياسة خاصة إن الاقباط ضد شيوخ الاسلام انهم يتدخلوا في السياسة فطبيعي اننا نكون ضد تدخل رجال الدين المسيحي في السياسة برضة بس طبعا كلامي ده كان بلح بالنسبة لاغلب المسيحيين اللي حضروا الندوات دي و غيرهم اللي كنت بتكلم معاهم.
المهم عديت الايام و جه يوم استفتاء مارس بتاع التعديلات الدستورية. صحيت الصبح بدري (على غير عادتي) عشان أروح اللجنة انتخب و رحت هناك لقيت ناس كتير على غير عادة الانتخابات في مصر و قلت "لأ" أنا و مراتي. واحنا راجعين البيت, عدينا على الكنيسة في السكة و اتصدمت الصدمة التانية لما لقيت الكنيسة معلقة ورقة كبيرة بتقول للناس يقولوا "لأ" في الاستفتاء و اكتشفت إن كل الكنايس تقريبا عملوا نفس الحركة الهباب دي و طبعا توقعت رد الفعل من الطرف الاسلامي اللي ناس كتيرة قالت "نعم" بالعند في المسيحيين و تحول الاستفتاء لغزوة الصناديق على رأيي الشيخ يعقوب.
بالليل ظهرت النتيجة كما توقعت و تم الموافقة على تعديلات الدستور و من ساعتها و كل استفتاء يحصل, الشعب المصري الجميل يوافق عليه وانا أروح زي العبيط اقول "لأ" و تتوالى الصدمات اللي باخدها من الناس اللي حواليا لما اكتشف إني في وادي و الناس في وادي تاني خالص.

#٢٥_يناير
#ذكريات

1 comment:

  1. شكرا على القصة الجميلة دى

    ReplyDelete