Google Analytics

Thursday, 12 February 2015

الله لا دخل له بما يحدث في مصر

12 فبراير 2015

هذا البوست موجه للاقباط المسيحيين الذين يرون إن مصر لن تسقط ابدا و دليلهم على هذا هو الاية الشهيرة الواردة في أشعياء اللي بتقول "مبارك شعبي مصر".

اتعجب جدا من هذا التفكير لإني أرى انه لا يمت للفكر المسيحي السليم بأي صلة بل و اري إن الكنيسة المصرية تاهت و بعدت عن أداء مهمتها الأساسية و هي دعوة الخطاة للتوبة و اصبح دورها تخدير الناس بكلام يبتعد عن الايمان المسيحي السليم الذي سلمه لنا المسيح شخصيا.

منذ فترة ليست بقليلة و أنا ابحدث و ما مازلت ابحث و اطلب المعرفة حتى أفهم ما يحدث حولي و خاصة داخل الكنيسة المصرية التي تحتل مكانة كبيرة في قلبي لإني ابن لها و تربيت فيها كثيرا و لكني مع الوقت اكتشفت إن دور الكنيسة تحول من دور ديني إلى ادوار اخري كالدور الاجتماعي الذي أثر بطبيعة الحال على دور الكنيسة الروحي بالاضافة للدور السياسي اللي موجود من زمان و لكنه لم يكن ملاحظ بشدة إلا في الفترة الأخيرة كما يعلم الجميع.

حتى افهم ما يحدث حولي قررت إني اقرأ تاريخ الكنيسة المصرية كما قررت إني أحاول الربط بين ما حدث في الماضي و ما يحدث حاليا و ربط التاريخ و الواقع بما قاله المسيح و الرسل في الكتاب المقدس و وجدت إن ما يحدث حاليا لا يختلف كثيرا عن ما حدث على مر العصور المختلفة في الكنيسة المصرية.

مؤخرا بدأت في قراءة كتاب لابونا متى المسكين عنوانه "الكنيسة و الدولة" و وضح لي الكتاب الصورة بطريقة اوضح حيث انه شرح لي دور الكنيسة الأساسي, و هو دعوة الخطاة للتوبة و كيف تعارضت الخدمات الاجتماعية للكنيسة مع دور الكنيسة الأساسي و استطعت ان افهم اكثر ما يحدث حولي في الكنيسة المصرية.

بكل اختصار يقول ابونا متى المسكين إن المسيح شرح بكل وضوح دور الانسان عندما قال "اعط ما لقيصر لقيصر و ما لله لله" المسيح فصل تماما بين حياة الانسان في الدولة و دور المواطن في دولته و واجبات الانسان تجاه ربه و هذا المعني للاسف اختفى بدرجة كبيرة بين اغلبية المسيحيين و يقول ابونا متى المسكين إن السبب هو ابتعاد الكنيسة عن دورها الأساسي و هو دعوة الخطاة للتوبة كما قال المسيح "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى ما جئت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" كما اعطانا مثل الراعي الصالح الذي ترك التسعة و تسعين خروف و خرج ليبحث عن الخروف المئة الضال.

الكنيسة للاسف ابتعدت عن أداء دورها عندما قررت أداء ادوار مختلفة و بعدت عن الدور الأساسي و كما يقول ابونا متى المسكين, فإن بداية ابتعاد الكنيسة عن دورها كان مع الملك قسطنطين و استعانة الكنيسة القديمة بالملوك في ادارة شؤونها و منذ ذلك الحين و نحن نري انحراف عن أداء دور الكنيسة و مع كل انحراف, يقل دور الكنيسة الروحي و يبتعد الناس اكثر عن المسيحية الحقيقية و اصبح المسيحيين المتديين شبه الفريسيين أيام المسيح. الفريسيين أيام المسيح كانوا جماعة متشددة تحافظ على كل العادات و التقاليد اليهودية الصعبة و تري إنها تملك الحقيقة لانهم يحفظون كل ما قيل لليهود قديما و لهذا كانوا الد أعداء المسيح حينما بدء عمله التبشيري و تصحيح المفاهيم الخاطئه التي كانت سائدة بين اليهود في عصره. من وجهة نظري الوضع لا يختلف حاليا بين اغلب الاقباط المتديين و تحولت الكنيسة بالنسبة لهم لمخدر يخدر عقولهم و يعدهم بالبركات و يستشهد بآيات من الكتاب المقدس حتى يغيب عقول المسيحيين إن الخلاص الأرضي قادم قريبا كما قال البابا تواضروس قبل استفتاء الدستور إن النعم تزيد النعم في محاولة منه لاقناع المسيحيين إن القادم أحلى على يد النظام الحالي و وصل بالكنيسة الحال ان يفسر كاهن آية في الكتاب المقدس على إن الله ارسل السيسي ليخلص مصر.

اغلب المسيحيين الذي يؤمنون إن مصر لن تسقط أبدا يرون إن الحل الوحيد هو الصلاة و الصلاة فقط و أنا اقف مندهشا امام هذا الرأي لإني أؤمن تماما إن الله لا دخل له بما يحدث في مصر و إن ما يحدث في مصر هو نتيجة طبيعية لأفعال النظام الحاكم و رد فعل المصريين لما يحدث في بلدهم و احب ان اضع بعض النقاط حتى اوضح وجهة نظري هذه:

- المسيح شخصيا لم يعد الناس إن ملكه ارضي بل اوضح تماما الفصل بين علاقة الانسان بـالدولة و علاقته بالله.
- مصر على مدار العصور المختلفة مرت بظروف و مجاعات و كوارث انسانية كثيرة و أكيد كان المصريين يصلون كما نصلي نحن حاليا و لكن الصلاة لم تمنع حدوث الكوارث سابقا و حاليا و لاحقا لأن بكل بساطة هذه الكوارث من فعل البشر
- مصر لا تختلف شيئا عن بقية دول العالم و مش معنى إن هناك آية تتكلم عن مصر, فهذا يعني شيئا لأن الكتاب المقدس مليء بالآيات التي تمدح في اسرائيل و هـا نحن نرى حال فلسطين حاليا و خرابها.
- الله يساوي بين كل البشر, فمصر ليست في مكانة أعلى من أي دولة اخري كما يريد إن يدعي البعض بل إني اتعجب من هذا الادعاء الذي اوصل البابا تواضروس ان يقول إن العالم في يد الله ولكن مصر في قلب الله. من قال إن الله غير عادل يفضل نوع معين من البشر على نوع آخر؟؟ ما الفرق بين الأفغان و السودانيين و السوريين و العراقيين و المصريين؟ أليس الجميع يخصون الله؟؟ من قال إن هناك طائفة اهم من غيرها عند الله؟؟ ما الفرق بين من يقول إن المصريين مميزين عند الله و اليهود الذين يرون انهم شعب الله المختار؟
- الله لم يمنع أي حرب من حدوثها أو تدخل في أي قرار يأخذه أي إنسان و لم يمنع أي ديكتاتور ان يبيد الالاف من ضحاياه بل بالعكس الله اعطي كل إنسان عقل كامل و ارادة كاملة حتى يقرر ما يفعله و يكون مسؤول عن كل قرار يأخذه.

اعلم تماما إن كلامي لن يقنع كثيرين و لكني متفهم تماما لهذا و مثلي الاعلي هو المسيح شخصيا الذي لم يقل أي كلام خاطئ في حياته و لكنه كان يعلم إن الكثيرين لن يقبلوا كلامه و يقول الكتاب المقدس عن المسيح "إلى خاصته جاء و خاصته لم تقبله", فإذا كان المسيح شخصيا لم يقنع الجميع, فأين يكون كلامي بالنسبة للناس؟

اخيرا اوضح إني لابد ان اعبر عن ما بداخلي و اشهد بالحق الذي اعرفه لإني أرى انه واجب على كل إنسان يرى الحق و يرى إن الناس بعيدة عنه و ارحب بالمناقشة الموضوعية مع أي إنسان في أي وقت.

No comments:

Post a Comment