Google Analytics

Monday 2 March 2015

الكنيسة و نشاطاتها المختلفة - هل هي نعمة ام نقمة؟؟

2 مارس 2015

كثيرا ما ادخل في نقاشات مع اصدقاء بإختلاف انتماءاتهم حول نشاطات الكنيسة القبطية المختلفة و في اغلب الأحيان يري من يناقشني إن ما تقدمه الكنيسة من نشاطات اجتماعية أو خدمية يعتبر من الاشياء الجميلة و لكني اري انه على العكس إن هذه النشاطات أضرت بالكنيسة و المسيحيين المنتمين للكنيسة اكثر من فائدتها. 

و احب اوضح وجهة نظري في بعض النقاط و لكني احب ان اوضح لماذا زاد دور الكنيسة في حياة المسيحيين في العقود الأخيرة حتى أكون منصف و موضوعي في عرض وجهة نظري. 

أيام جمال عبد الناصر, ماكانش فيه تمييز ضد الاقباط بدرجة كبيرة على الاقل في المدن الكبيرة وكان دور الكنيسة محدود جدا وينحصر في دور روحي فقط و الملاحظ في الفترة دي إن اغلب اسماء المسيحيين كانت اسماء عادية ممكن أي حد مسلم أو مسيحي يستخدمها. مع تولي السادات الحكم بعد عبد الناصر و دعمه للاسلاميين ضد انصار عبد الناصر, الطرف المسيحي كان من أكتر الاطراف التي تأثرت بالتمييز ده و الكنيسة كانت هي الملجأ الوحيد حتى تلبي احتياجات المسيحيين المختلفة زي العلاج عن طريق مستوصفات تبع الكنايس و اماكن لممارسة الرياضة للشباب و دور رعاية للمسنين و ماشبهه لسد الفراغ اللي أحدثه غياب الدولة عن تقديم نفس الخدمات للمواطنين.  
مع مرور الوقت, تقوقع اغلب المسيحيين داخل الكنيسة اللي احتضنت اولادها و زاد دور الكنيسة لخدمة ابنائها و اصبحت الكنيسة البديل الوحيد لمسيحيين كتير عشان يعيشوا عيشة طبيعية وياخدوا خدمات المفروض الدولة توفرها لهم و استمرت الكنيسة و زيادة الخدمات و النشاطات حتى اصبحت حياة الكثير من المسيحيين داخل الكنيسة للدرجة و اصبح اغلب المسيحيين يعيشون في فقاعات من التجمعات المسيحية حتى خارج الكنيسة, فمثلا في الجامعات, لابد ان تري ركن مخصص للمسيحيين و يتميز هذا الركن بالانعزال عن باقي المجموعات الطلابية في الجامعة.

هذه ظاهرة اعتقد انه لا يقدر ان ينكرها أحد و المؤكد من خلال نقاشاتي المتعددة مع الناس المختلفة إن هذه الظاهرة ينظر لها بطريقة اجابية و لا أحد ينظر لأعراضها الجانبية اللي من وجهة نظري مضرة للكنيسة كمؤسسة دينية و مضرة الاقباط كما يلي:

الكنيسة:

مع زيادة نشاطات الكنيسة التي وصلت لمراحل عالية كتنظيم رحلات لأوروبا و امريكا و اقامة قاعات للعزاء و كافيتريات و بيع المأكولات الصيامي و خلافه و ملاعب رياضية, قلت الجرعة الروحية عند الكثير من المسيحيين لأنه بكل بساطة تحولت الكنيسة من مكان للصلاة, اصبحت لدى الكثير من المرتبطين بالكنيسة ارتباط منفعة و ليس للعبادة أو الاستفادة الروحية و إني اتخيل لو زار المسيح أي كنيسة من كنائس الاقباط و رأي كافتريات و اماكن دراسة للطلبة و ملاعب رياضية و محلات لبيع الاكل الصيامي, ماذا سيكون رد فعله؟؟ هل سيعجبه ما يراه ام سيفعل كما فعل مع الباعة في الهيكل عندما طردهم من الهيكل و قال لهم "مكتوب: بيتي بيت الصلاة يدعي و أنتم جعلتموه مغارة لصوص". الحقيقي إن المسيحيين في عصرنا هذا حولوا الكنيسة إلي اكثر من مكان لبيع الحمام حيث تنوعت النشاطات و الخدمات بدرجة أعلى بكثير و ضاع دور الكنيسة الحقيقي و هو دعوة الخطاه للتوبة و البحث عن الخروف الضال بدلا من بناء اسوار حول ال 99 خروف داخل الحظيرة.

قد يعتقد الكثير إن ما تقدمه الكنيسة هو شيء مطلوب و ايجابي و هذا بسبب نظرة اغلب المسيحيين للعالم المحيط لهم حيث يرون إن أي مجتمع خارج الكنيسة هو مجتمع فاسد لابد من حماية المسيحيين من الاختلاط به و هذا ضد مبادئ المسيحية السليمة, فالمسيح قال لتلاميذه "انتم نور العالم. لا يمكن أن تُخفي مدينة موضوعة على جبل، ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة، فيضيء لجميع الذين في البيت. فيضيء نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجّدوا أباكم الذي في السماوات". فكيف يضيء نور العالم إذا كان محبوس داخل الكنيسة أو داخل مجموعة منعزلة داخل الجامعة أو المدرسة أو العمل؟؟ فالمسيح طلب من تلاميذه إن يذهبوا لكل العالم و ان يبشروا برسالته فإذا بالاقباط يتخلون عن دورهم الأساسي و ينعزلون عن مجتمعهم داخل قوقعة كما فعل اليهود قبلهم و هو ما غيره المسيح من خلال خدمته و تعليمه لتلاميذه.

قد يرد البعض و يتحجج بإن الدولة المصرية هي السبب في هذا و لكن هذه الحجة لا مكان لها عندما نتحدث على الكنائس المصرية في المهجر حيث توفر دول المهجر كافة الخدمات لكل المقيمين فيها بما فيهم المصريين المهاجرين و هذا يثبت إن ما تفعله الكنيسة ليس بسبب ضعف الخدمات المقدمة من الدولة بل إني اعتقد إن الكثير من المواطنين المسلمين يرون انهم لا يحصلون على نفس الخدمات التي تقدمها الكنيسة للمسيحيين و هذا قد يولد إحساس بالتمييز ضد المسلمين و قد يكون أحد العوامل في وجود حالة الاحتقان الموجودة بين المسلمين و المسيحيين.

الاقباط:

كما وضحت انعزل الاقباط عن بقية المجتمع المحيط بهم (سواء داخل مصر و خارجها) و هذا بطبيعة الحال اثر على الاقباط و علاقتهم بالدولة أو بالناس المحيطة بهم, فقل انتمائهم للدولة و اصبح انتمائهم للكنيسة أعلى بكثير من انتمائهم للدولة و يظهر هذا واضحا في أي مظاهرة يقوم بها الاقباط و رفع الصلبان و الصور الدينية التي تؤكد إن المسيحيين لا يرون الا مطالبهم كجماعة مستقلة عن بقية المجتمع.

الانعزال عن بقية المجتمع يعمل على خلق احساس بالاضطهاد الزائد و لأن الانسان المنعزل عن بقية العالم المحيط به, يصبح جاهل بما يدور حوله و طبيعية الانسان تعتبر أي شيء مجهول له كعدو يريد ان يفسده أو يؤذيه و طبعا ما حالة الخوف و الانكماش داخل الكيان الحاضن له, يقل الاحساس بالانتماء للكيان الاكبر و هو الدولة و يتحول الانسان المسيحي لشخص غير متزن يري العالم الخارجي كعدو سواء كان يريد إن يقضي عليه لو في مكان يسوده الاضطرابات كمصر حاليا أو مجتمع فاسد منحل اخلاقيا يريد ان يفسده لو في مجتمع غربي.



أتمنى ان يفهم من يقرأ هذا البوست إن هدفي هو القاء الضوء على ظاهرة من وجهة نظري ظاهرة مضرة لكل الاطراف بما فيها الكنيسة و الاقباط في أي مجتمع و اتمني ان يستطيع الاقباط التحرر من سيطرة الكنيسة عليهم و الإندماج في المجتمعات بدلا من التقوقع داخل جدران الكنيسة لأن اندماج المسيحيين داخل النسيج المصري هو الضمانة الوحيدة لسلامة المجتمع المصري و سلامة الاقباط نفسهم من أي عدو يريد إن يفتك بهم. أتمنى ان يستطيع المسيحيين الفصل بين دينهم و بين كونهم مواطنين مصريين لهم الحق في العيش كمواطنين كاملين كبقية الشعب المصري و معروف تاريخيا ان الأقليات هي القاطرة التي تشد المجتمع للامام لانها دائما تسعي لتحقيق أهداف المواطنة التي غالبا ما تكون مكتوبة في الدساتير و لكنها غير مفعلة على أرض الواقع. 

No comments:

Post a Comment