Google Analytics

Wednesday 11 March 2015

في انتظار اثناسيوس القرن الحادي و العشرين

11 مارس 2015

في الفترة الأخيرة, صرت مهتما بطريقة اكبر بمعرفة تاريخ الكنيسة و قررت إن اقرأ أكتر عن فترات المسيحية المختلفة في مصر من أول القرن الاول حتى أيامنا هذه و اخترت كتاب تاريخ الكنيسة لابونا منسي يوحنا الذي رصد الكثير من الاحداث التاريخية للكنيسة القبطية و اري إن أي كتاب للتاريخ يوضح للقارئ إن التاريخ يعيد نفسه بطريقة مدهشة خاصة لو كتاب يحاول ان يكون موضوعيا بقدر الامكان كهذا الكتاب الذي قرأته.

الكتاب يرصد فترات قوة و ضعف الكنيسة الروحي و للاسف تغفل الكنيسة حاليا الاحداث المؤسفة في فترات الضعف الروحي (مع إني أرى انه مطلوب من كل شخص مسيحي ان يعرف إن الكنيسة بها نقاط مضيئة و نقاط سوداء كأي كيان بشري موجود في الحياة لأن بكل بساطة من يدير المؤسسة الدينية هم بشر و لا يوجد إنسان بشري على الارض بلا اخطاء).

من النقاط المضيئة التي رصدها الكتاب هي فترات النهضة الحقيقية للكنيسة المصرية و من وجهة نظري فترات النهضة الحقيقية حدثت حينما اهتمت الكنيسة بالتعليم و خاصة في فترة ازدهار مدرسة اللاهوت في الاسكندرية في القرون الاولى و من اشهر معلميها العلامة اوريجانوس (الذي اعتبره قديس عظيم و ليس مهرطقا كما يعتقد الكثيرين من المسيحيين حاليا) و الانبا اثناسيوس الرسولي (بابا الاسكندرية العشرين) و غيرهم من معلمي هذه المدرسة العظيمة (في وقتها) حتى تم غلقها لاسباب غير منطقية من وجهة نظري و في رأيي بدأت الكنيسة في منحنى الهبوط مع اعتبار المسيحية الديانة الرسمية للامبراطورية الرومانية و صار للكنيسة دور سياسي (سواء مؤيد و معارض للحكم) حتى جاء البابا كيرلس الرابع في فترة حكم محمد علي باشا الذي كان علمانيا بدرجة كبيرة فساعد هذا التوجه البابا كيرلس بالاهتمام بالتعليم و هو صاحب نهضة الكنيسة الروحية في عصرنا الحديث من وجهة نظري.

حاولت ان اجد كتب الاباء الأوائل ككتب اوريجانوس أو البابا اثناسيوس في مكتبات الكنائس العادية و لكني للاسف لم اجد أي كتاب لهما. كنت أعرف مسبقا إني لن اجد أي كتاب لاوريجانوس لأنه في نظر الكنيسة مهرطق (و هذا شيء خاطئ تماما لأن اباء كثر كرموه و منهم البابا اثناسيوس الرسولي الذي يعتبر تلميذ لاوريجانوس). عدم وجود أي كتاب لاوريجناوس لم يدهشني و لكن ما أدهشني بالفعل هو عدم وجود أي كتاب للبابا اثناسيوس الرسولي. حدث هذا خلال رحلتي الأخيرة لمصر في اكتوبر الماضي.

بعد رجوعي كنت اتحدث مع أحد اصدقائي عن فشلي في الحصول على أي كتاب للبابا اثناسيوس و لكنه قال لي إن هناك مركز مسيحي يقوم بـطبع كتب الاباء الأوائل ككتب البابا اثناسيوس و اعطاني الموقع الالكتروني لهذا المركز و حصلت على كتابين للبابا اثناسيوس قرأت منهم كتاب واحد حتى الان. الكتابين هم:
- ضد الوثنيين. مفهوم من عنوانه إن البابا اثناسيوس كتبه للرد على ادعاءت الوثنيين ضد المسيحية.
- تجسد الكلمة. و هذا الكتاب يعتبر جزء تاني للكتاب الاول و هو موجه لليهود و اليونانيين الوثنيين لاقناعهم بالعقيدة المسيحية.

ما قرأته حتى الان هو كتاب تجسد الكلمة و هو كتاب من وجهة نظري كتاب مليء بالمنطق و الفلسلفة المسيحية العقلانية (التي افتقدها كثيرا في أيامنا هذه). الكتاب بكل اختصار يرد على اليهود من كتب اليهود بما يدل إن كتب اليهود تتنبأ عن المسيح الذين ينتظرونه و يرد على اليونانيين الوثنيين و يوضح لهم إن الهتهم عبارة عن مخلوقات لا يمكن ان تكون هي الاله الحقيقي. الكلام في مجمله لا يحمل الجديد لي و لكني خرجت بنقطتين هامتين بعد قراءتي لهذا الكتاب. ماخرجت به:

1. الكنيسة المصرية في العصور الاولى كانت كنيسة قوية لانها كانت قائمة على اباء عندهم من العلم و المنطق ما كان يمكنهم من الرد على كبار الفلاسفة في عهدهم. كانت الكنيسة المصرية محظوظة في وجودها مركزها في الاسكندرية التي كانت عاصمة العالم في الثقافة و العلوم و الفلسفة و اخرجت لنا كنيسة الاسكندرية في هذه الفترة قديسين بحجم البابا اثناسيوس و العلامة اوريجانوس ويظهر اثرهم في كتبهم المليئة بالكنوز المسيحية الحقيقية (التي للاسف لا تلقي اهتماما مننا الان) التي كانت من أهم الاسباب في انتشار المسيحية في اوروبا و الشرق. طبعا بولس الرسول هو الفيلسوف الاول للمسيحية و اسهمت الكنيسة المصرية في العصور الاولي في نشر المسيحية عن طريق هؤلاء الفلاسفة كاثناسيوس و اوريجانوس. 

الحقيقة إن كتاب تجسد الكلمة اثبت لي إن الكنيسة المصرية تمر بنفس فترات الضعف الروحي التي مرت به الكنيسة في فترات مشابهة و كم اتمني ان اجد اثناسيوس جديد يقدر ان يجادل غير المسيحيين في زمننا هذا و أنا اقصد الملحدين و إلاادريين الذين يتركون الايمان لأنهم لا يجدون من يقدر ان يحاورهم بالمنطق و يثبت لهم خطأ طريقهم. للاسف تحولت الكنيسة في عصرنا هذا لما يشبه الدجل الذي كان منتشر في القرون الوسطى و اصبح اغلب ما اسمعه و اقرأه من اباء الكنيسة الحاليين كلام لا منطق فيه و كله غيبيات لا تقنع أي إنسان طبيعي في القرن الحادي و العشرين. 

2. في مقدمة كتاب تجسد الكلمة, وجدت ما كنت ابحث عنه و سمعت عنه من بعض الاصدقاء من سنين طويلة عن رأي البابا اثناسيوس في الخليقة المذكورة في التكوين. كنت أسمع إن البابا اثناسيوس يري إن قصة الخليقة المذكورة في التكوين قصة رمزية و فعلا رأيت هذا واضحا في كتابه تجسد الكلمة مما شجعني على البحث أكتر في هذا الموضوع (الذي اعتبره من اهم المواضيع التي تبعد الكثيرين عن الايمان). بعد بحث وصلت إن هناك اختلاف في توقيت كتابة التوراه و هناك أراء مختلفة. اغلب الاقباط يعلمون إن من كتب التوراه هو موسي و أدلتهم في هذا كلام الكتاب المقدس نفسه و ليس أي مرجع اخر. من وجهة نظري هذا الرأي يحتمل الصواب أو الخطأ خاصة اننا نعلم إن الوحي الالهي في عقيدة المسيحيين تختلف عن الوحي الالهي في الاسلام. الوحي الالهي في المسيحية هو إن الكاتب يكتب ما يكتبه بإرشاد الروح القدس و لكنه يكتبه باسلوبه الشخصي بناء على خبراته الشخصية و الطرف الموجه له الكلام.

هناك رأي اخر يرى إن التكوين كتب بعد سبي بابل في عهد يوشيا الملك. ما يدعم هذا الفكر إن اسلوب الكتابة في جزء الاول من التكوين من الخليقة حتى قصة نوح مختلف و تم استخدام كلمات مختلفة للفظ الله زي ايلوهيم و يهوه و هذه الالفاظ تعبر بشكل ما عن الفترة التي كان يستخدم فيها كل لفظ. السبب الاخر الذي يجعلني أميل لهذا الرأي هو إن قصة الخليقة تشبه في اجزاء كثيرة اساطير اشورية كانت منتشرة في نفس فترة سبي اليهود في بابل مما يشير إن من كتب الجزء المتعلق بالخليقة كان متأثرا بالأساطير التي كانت حوله.

عثرت على كاتب لبناني مسيحي أرثوذكسي اسمه كوستي بندلي يؤيد هذا الفكر و قرأت كتاب من امتع الكتب التي تكلمت عن قصة الخليقة و يشرح في هذا الكتاب كيف إن قصة الخلق اليهودية تختلف تماما عن الاساطير الاشورية و البابلية لأنها تضع الله في صورة الاله الواحد بعكس بقية الاساطير التي تصور تعدد الالهة و تصور كل إله بشيء من الطبيعة (كالماء و النار) بعكس الاله المذكور في التواره الذي خلق كل شيء من عدم. الكتاب فيه تفاصيل اكثر و انصح بقراءته. الكتاب موجود على الانترنت بعنوان "كيف نفهم اليوم قصة آدم وحواء".

من وجهة نظري خسرت الكنيسة الكثير عندما دخلت في خلاف مع العلم خاصة في موضوع التطور و التشبث بأن النظرية خاطئه و اتذكر جيدا ما قاله الانبا بيشوي إن هناك 600 عالم ضد نظرية التطور. كنت قد عملت بحث سريع و لقيت فعلا إن فيه علماء بنفس العدد ده تقريبا ضد النظرية دي و دول اسمهم Creationists على عكس العلماء اللي مقتنعين بنظرية التطور و دول اسمهم Evolutionists.
ده لينك فيه اسامي بعض العلماء دول:
الكلام ده بيقول إن الانبا بيشوي مقالش أي حاجة غلط بس هو في الحقيقة قال نص الحقيقة و ماقالش بقية الحقيقة و هو إن نسبة العلماء في امريكا اللي ضد نظرية التطور اقل بمراحل كثيرة من العلماء اللي مع نظرية التطور لحوالي 3% من علماء العالم اللي مؤيدين لنظرية التطور.
وهناك دراسة اخرى بتقول إن عدد العلماء اللي لهم علاقة مباشرة بعلوم الجيولوجيا و الاحياء في امريكا حوالي 480,000 عالم. فقط 700 عالم منهم ضد نظرية التطور وده معناه إن نسبة العلماء اللي ضد نظرية التطور اقل من 1%. 
اغلب العلماء ال Creationists بيعتمدوا على نظرية علمية أخرى اسمها Intelligent design (مش عارف ترجمتها إيه بالعربي) بس واضح إن النظرية دي مش منتشرة قوي و عليها ملاحظات كتير.
أنا شخصيا مش عارف معلومات كتير عن النظريتين دول لأن التعليم المصري الله يكرمه ريحنا و حجب عننا أي معلومة مفيدة عنهم و فهمنا إن نظرية التطور بتقول إن الانسان أصله قرد اللي هو للعلم كلام فارغ نظرية التطور مقالتوش.


اخيرا اشكر الظروف التي اتاحت لي قراءة كتاب مهم للبابا اثناسيوس الذي فتح لي أبواب للبحث و المعرفة التي تقنع عقلي و أتمنى ان اري اباء الكنيسة في قوة شخص عظيم كأثناسيوس الذي استطاع مواجهة العالم كله بمنطقه و فلسفته و علمه و ليس بالغيبيات التي للاسف اصبحت منتشرة كثيرا بيننا نحن الذين نعيش في القرن الحادي و العشرين!

https://www.facebook.com/fkhair/posts/10155283561945029

No comments:

Post a Comment